أمريكا تقتحم خط المناوشات الإقليمية لـ“سد النهضة“.. لمصلحة من..!
أبين اليوم – الأخبار الدولية
يقال أن إثيوبيا رفضت حتى اللحظة الإستجابة لطلب مصر والسودان المتكرر ترك تعبئة بحيرة سد النهضة في الصيف المقبل، قبل التوصل إلى إتفاق ملزم يحدد قواعد تشغيل السد وملئه، بينما تخشى مصر والسودان أن تؤثر التعبئة الثانية للسد في مواردهما من مياه النيل ومنشآتهما المائية رغم تأكيد أديس ابابا المكرر أنها لا تنوي إلحاق أي ضرر بالبلدين.
الجديد في تطور ملف سد النهضة دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط المناوشات الإقليمية الأفريقية بإعلان واشنطن بدء المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، جولة إفريقية خاصة الأسبوع المقبل لبحث أزمة سد النهضة وتيغراي وتشمل جولته كلامن مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا، ومن المقرر أن يلتقي مسؤولين في مصر والسودان وإثيوبيا والأمم المتحدة.
سبق إنطلاق المبعوث الأمريكي فيلتمان الى القرن الافريقي وصول وفد اميركي إلى السودان الإثنين يقوده عضوان بارزان في مجلس الشيوخ لبحث التوتر الإقليمي، وسط خلاف متصاعد بشأن الملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، وقالت وسائل إعلام سودانية إن الوفد -الذي يقوده السيناتور كريستوفر كونز والسيناتور كريس فان هولن- سيجري مباحثات مع كبار المسؤولين السودانيين على مدى 3 أيام.
اثيوبيا تشتكي مصر والسودان أممياً:
يأتي التحرك الأمريكي الأخير ومن ضمنه جولة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الافريقي في أعقاب إرسال إثيوبيا رسالة إلى الأمم المتحدة الأحد الماضي تحدثت فيها عن اتفاقية عسكرية ثنائية مصرية سودانية تتجاوز التهديد بالحرب ضدها، قالت فيها ان “مصر والسودان وقعا اتفاقية عسكرية ثنائية تتجاوز التهديد بالحرب”، وان “مصر والسودان يحاولان الضغط علينا من خلال تعطيل المفاوضات لتدويل الملف”، وان تصريحات هاتين الدولتين تظهر “عدم احترامهما لمبادئ الاتحاد الأفريقي والرغبة بزعزعة الاستقرار”، على حدِّ تعبيرها.
سبق ذلك تحميل إثيوبيا تبعات عرقلة محادثات سد النهضة كلاً من مصر والسودان من خلال تصريح وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية “رضوان حسين” الذي قال الجمعة الماضية إن “مزاعم مصر غير العقلانية وتحركات السودان المدمرة” من الأسباب التي عرقلت محادثات سد “النهضة”.
وفي سياق التوترات الناشبة في المنطقة، أفادت صحيفة سودانية، الإثنين، ان جماعة إثيوبية مسلحة توغلت، الأحد، بعمق 10 كيلومترات داخل الأراضي السودانية في مناطق الفشقة التي استردتها الخرطوم من أديس أبابا خلال الأسابيع الماضية.
مصر تدعو أمريكا للتدخل فوراً:
وفي مصر.. قالت مصادر دبلوماسية مصرية إنّ المقال الذي كتبه السفير المصري في الولايات المتحدة، معتز زهران، في مجلة “فورين بوليسي”، يوم الجمعة الماضي، والذي دعا فيه الإدارة الأمريكية للتدخل فوراً والتحرك العاجل لحلحلة قضية سد النهضة، يأتي في إطار محاولات القاهرة لدعم الطروحات التي قدمها عدد من الشخصيات في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية لعقد جولة مفاوضات ثلاثية حول سد النهضة في واشنطن، الأمر الذي تتحفظ عليه بعض الشخصيات المناوئة للموقف المصري والمتعاطفة مع إثيوبيا في فريق الرئيس الأميركي جو بايدن.
تعاطف بعض الشخصيات الاميركية في فريق الرئيس الأميركي جو بايدن مع اثيوبيا هو نهج متوقع وبقوة الضلوع فيه أميركيا لما له من نفع يصب في مصلحة ريع الخارطة الجيوسياسية الاسرائيلية لهذه المنطقة الحيوية.
من الرابح ومن الخاسر؟
ان قضية سد النهضة يريد الجانب الاثيوبي تحويلها إلى ورقة رابحة ضاغطة يمسكها باحكام في كفه ووسيلة ضغط قد تدفع بإتجاه تصعيد جديد في المنطقة لن يستفيد منه أحد غير الكيان الإسرائيلي الذي يصفق بكلتا يديه عالياً لكل ما يسيء للخارطة الإقليمية في شمال شرق افريقيا وحتى في غرب آسيا..
وما يجعل من مصر والسودان دولتين مشلولتين فاشلتين فاقدتين لأي اعتبار ووزن حقيقي وفي مسيرهما إلى حضيض الفقر والتجويع والإفقار المتعمد الذي لم يستثن لبنان وتفجير مرفأ بيروت ولا سوريا ودمارها وتدميرها بحرب ارهابية متعمدة واحتلالها اميركيا ولا العراق واحتلاله بعد تجويع شعبه اثر غزو الكويت وايضا “أخيراً” وليس آخراً، تعطيل قناة السويس المتعمد وازمتها االتي لن تخفى عن بصيرة الواعين بعد الكشف عن نية الكيان الاسرائيلي فتح قناة جديدة يستغني العالم من خلالها عن قناة السويس.
من هنا جاءت الضغوط الإثيوبية تترى الواحدة بعد الأخرى، حتى اقترحت إثيوبيا بيع المياه الفائضة عن حاجتها الأمر الذي يظهر النوايا الحقيقية لاثيوبيا المدعومة من قبل الكيان الاسرائيلي والدول العربية المطبعة معه كالامارات لتشديد الضغط على مصر والسودان.
خلال إحاطة قدمها الوزير الإثيوبي لسفراء الدول الآسيوية في أديس أبابا، قال وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية “رضوان حسين”: “يجب على المجتمع الدولي أن يفهم أن جميع مخاوف السودان تمت معالجتها بشكل مناسب، بينما مصر مستمرة في طرح مطالباتها غير العقلانية بحماية معاهدات الحقبة الاستعمارية”، ذلك اثر تصريح ادلى به المتحدث باسم وزارة الري المصرية “محمد غانم” قال فيه إن “مصر عرضت 15 سيناريوها لحل أزمة ملء وتشغيل السد، ورفضتها أديس أبابا”.
السودان يحذر.. الملء الثاني قضية أمن قومي:
في هذه الأثناء، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي أمس الاثنين، إن بلادها تتعامل مع الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي بوصفه قضية “أمن قومي”، وجددت تحذيرها من مغبة قيام أديس أبابا بهذه الخطوة من دون اتفاق مع الخرطوم والقاهرة.
دولتا المصب القاهرة والخرطوم متمسكان وبقوة بضرورة التوصل إلى اتفاق ثلاثي يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من نهر النيل، وذلك ما اشار اليه ‘غانم’ بقوله ان مصر “شديدة الوضوح وهي تريد اتفاقا قانونيا ثلاثيا ملزما (لملء وتشغيل السد) وأبدت في ذلك كل أشكال المرونة”، في وقت تصر فيه أديس أبابا على ملء ثان للسد في يوليو/تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان.
اشرنا في مقال سابق الى ان الضغوط الكبيرة التي باتت تُحدثها اليوم اديس ابابا ضد القاهرة والخرطوم قد تولد الانفجار الداخلي لهذين البلدين في اية لحظة، خصوصا اذا ما عرفنا ان مصر والسودان باتتا محاصرتين من قبل اثيوبيا جنوبا وسدها المائي العملاق الذي لو انفجر سيؤدي بالفعل لافقار الدولتين المذكورتين بعد اغراقهما..
والكيان الإسرائيلي شمالاً بقوته العسكرية التي حيدت مصر منذ زمن السادات وجعلتها بلدا محايدا متقوقعا على نفسه لا تهمه القضية الفلسطينية ولا يسوءه وجود كيان محتل غاصب غير شرعي الى جانب دولته المترامية الاطراف الغائصة في عمق الحضارة والتاريخ. الكيان اللقيط الذي يسعى لافقارهما (مصر والسودان) واذلالهما دون رحمة.
المصدر: العالم