التآمر وسياسات القمع تُسقط أقنعة التقدمية وهالة القداسة السعودية.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ إبراهيم القانص:
منذ عقود من الزمن استغلت السعودية، وتحديداً أسرة آل سعود الحاكمة، ولايتها على الحرمين الشريفين، أهم المقدسات الدينية لدى المسلمين، إلى درجة أنها اقترنت بهذه المقدسات، وكان أبرز وجوه الاستغلال أنها تمكنت من وضع نفسها في مقام القداسة بنظر شعوب ودول عربية وإسلامية..
وأحاطت نفسها بهالة من الصفات التي جعلت كثيراً من الشعوب تعتبرها حامية الدين والعقيدة وراعية المقدسات الأكثر قيمة لدى المسلمين، وتحت هذا الغطاء سلكت السعودية دروباً خطيرة من التآمر على كثير من الدول والأنظمة، ورضيت أن تكون أداة لقوى عالمية تنفذ أجندات مختلفة في المنطقة العربية مستغلةً ثقل المملكة الديني الذي اكتسبته من جهة إشرافها على المقدسات الإسلامية.
سياسيون سعوديون معارضون قالوا إن إسم السعودية كان مقترناً بالحرمين الشريفين ومكة المكرمة، أما اليوم فقد اقترن اسمها بالغدر والتآمر والخيانة، حسب تعبيرهم، مؤكدين أن حكام المملكة لا يزالون ينظرون إلى مواطنيهم باعتبارهم رعايا عندهم أو عبيداً لإحسانهم ورهن مشيئتهم، مشيرين إلى أن مواطني المملكة لن تقوم لهم قائمة إذا استمر رضاهم بمعاملة الحكام السعوديين لهم والتي وصفوها بـ “الدونية”.
منظمات حقوقية تقدمت بشكاوى إلى الأمم المتحدة ضد السعودية بسبب ما وصفتها بالأعمال الانتقامية ضد معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث يتعرض الكثير من الأفراد المتعاونين مع المنظمات الحقوقية لأعمال الترهيب والانتقام، إما نتيجة لنشاطهم أو لعمل الأمم المتحدة لصالحهم.
وفي التقرير السنوي عن الأعمال الانتقامية قدمت منظمة الكرامة معلومات بشأن قضايا تتعلق بحالات انتقامية ضد أفراد قدموا شكاوى إلى الأمم المتحدة، منهم الدكتور سلمان فهد العودة ونجليه عبد الله وخالد، حيث اتخذت ضدهم سلطات المملكة إجراءات انتقامية وترهيبية، بعد إبلاغهم آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن اعتقال الدكتور العودة وتعرضه لسوء المعاملة، بعد معارضته علناً سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، وقد وضع الدكتور العودة في زنزانة انفرادية منذ اعتقاله، ويتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والحرمان من الرعاية الطبية، ولا يزال مهدداً بأن يصدر بحقه حكم بالإعدام.
معتقل الرأي سفر بن عبد الرحمن الحوالي، الذي اعتقل تعسفياً عام 2018، بعد نشره كتاباً انتقد فيه السياسة الخارجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وظل الحوالي مخفياً قسراً لمدة شهرين، حتى أبلغت السلطات عائلته أنه معتقل في سجن المديرية العامة للمباحث، تحت رئاسة أمن الدولة في مكة المكرمة..
كما اعتقلت قوات أمن الدولة السعودية أبناءه الأربعة وشقيقه، وهي طريقة درجت عليها الجهات الأمنية والاستخباراتية السعودية للانتقام والتخويف، كونهم أبلغوا الصحافة عن اعتقاله، ورغم إصابته بإعاقة دائمة نتيجة التعذيب؛ اتخذت السلطات السعودية المزيد من الإجراءات الانتقامية والترهيب ضد الحوالي والكثير من أفراد عائلته.
ولا تزال السلطات السعودية تشن حملات إعتقال ضد كل من يبدي رأيه معارضاً لسياسات ولي العهد، أو يطالب بتحسين الوضع الاقتصادي لمواطني المملكة، كان آخرها ما أورده حساب “معتقلي الرأي” عبر منصة تويتر، وهو حساب يعنى بشؤون المعتقلين السياسيين في المملكة، من أنباء عن اعتقال المغرّدة السعودية “لجين داغستاني”، بعد استدعائها للتحقيق.
حساب معتقلي الرأي ذكر أن اللجان الإلكترونية التابعة للنظام السعودي شنت حملة ضد “لجين داغستاني” على خلفية تغريدات قديمة طالبت فيها بتحسين بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية لمواطني المملكة، متوقعاً اعتقالها بعد توقفها عن التغريد منذ أكثر من شهر، مشيراً إلى إعتقال السلطات السعودية عدداً من الشابات على خلفية نشاطهن في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اختراق حساباتهن ومعرفة هويتهن الحقيقية.
تواجه السعودية حملة انتقادات شرسة من منظمات دولية بسبب الأوضاع الحقوقية المنتهكة، والممارسات التعسفية ضد كل المعرضين داخل المملكة، حتى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وجهت انتقادات لاذعة لسلطات السعودية، دفعت بها إلى إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين بعد أسابيع من تلك الانتقادات، كنوع من ذر الرماد على العيون..
حيث لا يزال القمع قائماً بحق أي معارض سعودي، الأمر الذي أفقد المملكة هالة القداسة التي طالما أحاطت نفسها بها، وها هي الآن تسقط عنها أيضاً أقنعة التقدمية المزعومة في خطط ولي العهد، والتي لم يأت من ورائها سوى تكشُّف الكثير من الحقائق بشأن السياسات السعودية التي طالما غلفتها بقوالب دينية وإنسانية.
البوابة الإخبارية اليمنية