علاقة مصر وتركيا بين غاز المتوسط والسعودية والإمارات والإخوان..!
أبين اليوم – الأخبار الدولية
قالت وزارة الخارجية التركية إن وزيري خارجية تركيا ومصر تحدثا هاتفياً، في أول اتصال مباشر بينهما منذ أن بدأت تركيا مساعي لتحسين العلاقات المتوترة بين البلدين.
وأضافت الوزارة السبت أن الوزيرين تبادلا التهاني بمناسبة قرب حلول شهر رمضان، لكنها لم تذكر مزيداً من التفاصيل. وقالت تركيا الشهر الماضي إنها استأنفت اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر وترغب في تحسين التعاون بعد توتر دام سنوات منذ أن عزل الجيش المصري في عام 2013 الرئيس آنذاك محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي كان مقربا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت الخارجية التركية “تحدث وزيرنا السيد مولود جاويش أوغلو مع وزير الخارجية المصري سامح شكريبهدف تبادل التهاني بحلول شهر رمضان”.
وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تقدم يوم الخميس الماضي بالشكر للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على الجهود التي بذلها خلال رئاسة تركيا الدورية لمجموعة الثماني الإسلامية.
وقد يكون لتحسن العلاقات انعكاسات على منطقة شرق البحر المتوسط. وساندت تركيا طرفاً مختلفاً عن الذي ساندته مصر في الصراع الليبي وأبرم كل جانب اتفاقات بحرية مع دول ساحلية أخرى تتعارض مع اتفاقات الطرف الآخر. وقالت القاهرة إن تصرفات تركيا “يجب أن تتوافق مع المبادئ المصرية” لتطبيع العلاقات.
وفي الشهر الماضي طلبت أنقرة من قنوات التلفزيون المصرية المعارضة العاملة في تركيا تخفيف حدة الانتقادات الموجهة للقاهرة في أول خطوة ملموسة لتخفيف التوتر. كما عرضت تقديم المساعدة لمصر في حل أزمة السفينة التي جنحت في قناة السويس وتسببت في إغلاق الممر الملاحي لأيام.
من جهة أخرى قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري في القاهرة برد دعوى إسقاط الجنسية المصرية عن عدد من قيادات “جماعة الإخوان”، وسياسيين آخرين، متوارين في تركيا.
وطالبت الدعوى بإلزام السلطات بإسقاط الجنسية المصرية عن عدد من قيادات الجماعة بينهم معتز مطر، وأيمن نور، ويحيى حامد وزير الاستثمار السابق في حكومة مرسي.
وأشارت الدعوى إلى أن “قيادات الإخوان والجماعة الإسلامية في الخارج تخشى من الملاحقات خاصة أن الغالبية العظمى منهم صادر ضدهم أحكام قضائية، وهو ما يدفعهم إلى محاولة الحصول على جنسيات دول أخرى تضمن لهم حرية التحرك في الخارج وعدم الملاحقات الأمنية”.
وتابعت: “تعد الجنسية التركية، أقرب الخطوات التي يلجأ لها قيادات بالإخوان والجماعة الإسلامية، خاصة خلال الفترة الأخيرة، بعدما تعرض عدد من حلفائهم للتوقيف والاحتجاز من قبل سلطات دول أوروبية لصدور أحكام قضائية عليهم، وبعضهم كان حاصلا على جنسيات دول أخرى”.
قنوات الإخوان الإعلامية:
وفي تغيير متوقع ولافت، أعلن إلاعلاميان معتز مطر ومحمد ناصر، أنهما في إجازة مع وقف برنامجيهما على قناتي “الشرق” و”مكملين”، اللتين تبثان من اسطنبول.
ويأتي هذا التغيير بعد أقل من 8 ساعات من إعلان أنقرة اتصال وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو بنظيره المصري سامح شكري.
وكتب الإعلامي ناصر المذيع بفضائية “مكملين” تدوينة، السبت، على تويتر قال فيها: “جمهوري العزيز.. تعودنا على الشفافية معكم ومشاركتكم معنا في كل كبيرة وصغيرة، واستمرارا لهذا المبدأ أودّ أن أعلمكم بأني في إجازة خلال شهر رمضان آملاً في العودة إليكم كما كنت دائماً”.
وكتب زميله الإعلامي معتز مطر تدوينة أخرى غامضة قال فيها: “جمهوري العزيز ألتقي بكم في تمام العاشرة مساء اليوم بتوقيت القاهرة في حلقة قصيرة “للغاية” من برنامج “مع معتز”، وسنذيع فيها بياناً هاماً”.
وكتب زميلهما عبد الله الشريف تدوينة أزاح فيها الستار عن وجود قرار بإغلاق البرنامجين.
وقال الشريف في تدوينته: “إلى محمد ناصر ومعتز مطر أحسن الله عزاءكم في منابركم الإعلامية، ومن باب الأخوة في الله فإن قناتي تحت أمركم لاستعمالها في البث المباشر كل ليلة إن أردتم، لا يغلبنكم القرار”.
من جانبها، كشفت مصادر إعلامية أن السلطات التركية أبلغت الإعلاميين الاثنين بتغيير طبيعة وسياسة برنامجيهما ومنحهما إجازة لحين الاتفاق على شكل جديد أو البث من دولة أخرى تاركة حرية اتخاذ القرار لهما.
وبث الإعلاميان مطر وناصر فيديوهات كشفت نيتهما الرحيل، ومغادرة الأراضي التركية.
ونشر ناصر المذيع بفضائية “مكملين” فيديو عبر صفحته على مواقع التواصل، أعرب فيه عن تقديره للسلطات التركية التي آوته طيلة 7 سنوات، مضيفاً أنه في حال وصل التقارب مع مصر لمحطته الأخيرة، فسيهاجر إلى كندا أو بريطانيا.
كما أقر الإعلامي أن الجماعة تهادن الآن وتناور وتلتزم بالتعليمات التركية بانتظار معرفة الموقف النهائي من التقارب مع مصر، مؤكدا في الوقت عينه أن قيادات الإخوان ستواصل سياستها ضد القاهرة حتى ولو من خارج تركيا.
التقارب بين مصر وتركيا هو أمر صادف رغبة عندهما في الوصول إلى تفاهمات مبدئية في ملفات عديدة مختلفة، في مقدمتها الملف الليبي، وجلب الهدوء إلي الحدود المصرية الغربية من خلال الانتخابات الليبية، والوصول إلى تفاهمات بعد عدة اجتماعات بين الفرقاء الليبيين. وبالطبع من مصلحة مصر أن يكون هناك هدوء علي حدودها، فأمن مصر القومي يبدأ من خارج حدودها، لكن للهدوء في الداخل الليبي شروطا أخرى، ستمتحن قدرته علي الصمود.
غاز المتوسط:
النقطة الأخرى، والتي لعبت دوراً مهماً في هذا التقارب، تتعلق بغاز شرق المتوسط، فبعد إعلان مصر عن إتحاد شرق المتوسط مع قبرص واليونان، الغريم التقليدي للأتراك، إلى جانب الكيان الإسرائيلي، كان المتوقع بموجبه أن تصبح مصر مركزاً عالمياً لإسالة الغاز الطبيعي، لكن ما حدث بعد الاتفاق بشأن إنشاء خط الغاز، بين الكيان الإسرائيلي واليونان وقبرص، من دون وجود مصر، جعل القاهرة تعيد التفكير في الأمر، فلكي تكون مصر مركزاً عالمياً للإسالة لا بد أن يمر خط الغاز عبر المناطق التركية في شرق المتوسط.
وانعكس هذا الإدراك المصري في الاتفاق الذي كانت قد عقدته مصر مع اليونان قبل عامين تقريباً بشأن ترسيم الحدود المصرية، وتركت فيه مصر جزءاً كبيراً لليونانيين، كان الغرض منه تطميع الأتراك أكثر، وقد فهموا الرسالة وتفاعلوا معها، وعرفوا أن ذلك في مصلحتهم، فترسيم الحدود بين مصر واليونان شمل فقط جزيرتي كريت ورودوس، ولم يتطرق إلى جزيرة كاستيليريزوا، ولم تمس مصر الجرف القاري التركي. وهنا كان لا بد من التوافق، حتى يحصل كلا الطرفين على ما يريدان.
في ظل السياسة البراغماتية التي تتبعها، لن تفرّط تركيا في تلك المعارضة، فهي أداة ضغط مهمة وورقة رابحة في سياستها الخارجية عند التفاوض مع مصر، كما أن كثراً من المعارضين حصلوا على جوازات سفر تركية وإقامات دائمة، وأصبح وضعهم قانونياً.
وإلى هذا الأمر، فإن الجانبين، المصري والتركي، لا يثقان ببعضهما، وفي أي لحظة قد يفشل هذا التقارب. وبالتالي، لا يمكن التفريط في تلك الأداة المهمة، وحتى لو أخرجت فيما بعد تركيا عدداً منهم، فسيكون إلى دول حليفة لها، من دون خسارتهم بالصورة التي يتخيلها بعض المراقبين، فمستقبل هذا التقارب التركي المصري مرهون أيضاً بمدى فك ارتباط السياسة المصرية بالسياسة السعودية والإماراتية من جانب، وكذلك قدرة مصر على تحييد تركيا في ملفات مهمة، مثل ملف سد النهضة وغيره. لذا فهذا التقارب بين الجانبين مصلحي، مرتبط بعوامل مختلفة، لكن قدرة بقائه أو استمراره مسألة غير محسومة.
ولذلك يمكن القول أن التقارب بين مصر وتركيا يقع بين الصالح في المتوسط والضغوط السعودية والاماراتية، وجماعة الإخوان المسلمين، وهنا تحوم التساؤلات.. هل ستتغلب مصالح مصر في المتوسط وليبيا على مصالحها مع السعودية والامارات؟ وهل ستضحي تركيا بالاخوان لأجل مصالحها مع مصر؟ أسئلة قد تجيب عنها الأيام المقبلة.
المصدر: العالم