“ألعاب الفيديو“ لبن سلمان و“مسيّرات“ صنعاء.. الخيال والواقع.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ إبراهيم القانص:
استندت السعودية في حرب التحالف الذي تقوده على اليمن، منذ بدء عملياته العسكرية قبل ست سنوات، على قاعدة الاستخفاف باليمنيين والتقليل من شأنهم في مواجهة ترسانة عسكرية أنفقت للحصول عليها مليارات الدولارات جعلتها تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث الإنفاق على شراء الأسلحة حسب تقارير دولية..
الأمر الذي أوجد حالة من الغرور لدى حكام المملكة جعلتهم يستبعدون من حساباتهم أن اليمنيين أكثر ذكاءً وأشد شكيمة وعزيمة حينما يتعلق الأمر بالكرامة والسيادة، وفي التاريخ شواهد كثيرة على ذلك والسعوديون أكثر علماً بها من غيرهم، لعدد من الاعتبارات أهمها القرب الجغرافي بين البلدين، لكن عقدتهم الاستخفافية باليمنيين كانت أشبه بغشاوة على أعينهم عمّا يمكن أن يفعله هؤلاء، خصوصاً أنهم رجال حرب معروفون تاريخياً ولا يتركون ثأرهم.
كان الاستخفاف السعودي باليمنيين ظاهراً منذ الساعات الأولى من بدء عمليات التحالف العسكرية، حيث ظهر متحدث التحالف العسكري حينها، أحمد العسيري، على شاشات العربية والحدث قائلاً أن طائراتهم دمرت خلال الربع ساعة الأولى من غاراتها ما يقارب 80% من المواقع العسكرية والعتاد الحربي للحوثيين، مستعرضاً أنهم سيحسمون الأمر خلال أيام..
وبعدها بوقت ليس بالكثير ظهر ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، متحدثاً عن أن القوات السعودية تستطيع اجتثاث الحوثيين خلال أيام، مبرراً عدم إقدامها على الخطوة بخوفهم من سقوط ضحايا مدنيين، متقمصاً بذلك دور الحريص على الجانب الإنساني، ولم يكن حديثه بمنأى عن نظرة الاستخفاف بحق اليمنيين، وربما أدلى بذلك الحديث وهو تحت تأثير انتصاراته في لعبة الـ “بلاي ستيشن” التي يمارسها حد الإدمان وأصبحت مسيطرة على تفكيره لدرجة أنه لم يعد يتمكن من العودة إلى الواقع متأثراً بخيالاتها.
لم تمر أيام على تلك العنتريات حتى ظهر العسيري مرةً أخرى مصرحاً بأن عدد القوات البرية السعودية المنتشرة على الحدود مع اليمن تصل إلى 100 ألف مقاتل، غير شاملة لبقية الألوية من المقاتلين اليمنيين الموالين لهم، والذين زجوا بهم للدفاع عن حدود المملكة، وأكد حينها أن تلك القوات قادرة على اجتياح اليمن واحتلالها خلال أيام قلائل..
لكن الأيام اللاحقة بعد كل تلك التهويمات المغرورة والمستخفة بقدرات الطرف الآخر كشفت أن مقاتلي قوات صنعاء قد توغلوا في العمق السعودي، وكشف إعلامهم الحربي مشاهد مخزية للقوات السعودية وهي تفر من مواقعها المحصّنة تاركة أحدث الآليات الحربية غنائم لأولئك الحفاة الذين ارتفعت أصواتهم رافعة شعارهم المعروف وهم يدوسون عليها بأقدامهم، في مشاهد لم تخطر ببال عدسات الكاميرات في أي حرب على مستوى المنطقة والعالم.
وبسبب عقدة الاستخفاف نفسها باليمنيين في المواجهة وضعت المملكة نفسها في موقف محرج في التعاطي مع قدرات قوات صنعاء التي في سلسلة الهجمات التي أطلقت عليها “توازن الردع”، وهي ما لم يكن في حسبان التحالف على الإطلاق، فتلك العمليات الهجومية تتم بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية يمنية الصنع، ومستمرة التطوير إذ تمكنت من الوصول إلى عمق المملكة مستهدفةً منشآتها الحيوية من خزانات أرامكو، عملاق النفط السعودي، والمطارات والقواعد العسكرية في عدد من محافظات المملكة، كان آخرها ست طائرات مسيّرة استهدفت إحدى مصافي شركة أرامكو جنوب العاصمة السعودية الرياض.
الموقف المحرج الذي وضعت السعودية نفسها فيه تمثل في تقليلها من شأن تأثير الهجوم على مصفاة أرامكو، وأنه لم يتسبب بأي ضرر، حسب ما أعلنته قنواتهم الرسمية، إلا أنها في الوقت نفسه تتناقض تماماً بإعلانها أن الهجوم سيلحق الضرر بإمدادات الطاقة العالمية، وفي الوقت نفسه تطالب العالم بأكمله بالوقوف إلى جانبها في التصدي لتلك الاعتداءات، وكأن ترسانة الأسلحة التي أنفقت عليها مليارات الدولارات غير كافية لردع هجمات صنعاء بما صنعته وطورته من المسيّرات والباليستيات المتواضعة جداً مقابل التسليح الحديث والمهول الذي تملكه السعودية، وهو موقف يرى مراقبون أنه محرج للغاية ويكشف مدى الورطة التي تقع فيها السعودية من خلال حربها في اليمن.
البوابة الإخبارية اليمنية