أوروبا و“المطّاط“ الأفريقي.. سياسة تعيد الإمارات إحياءها في سقطرى اليمنية.. “تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ إبراهيم القانص:
أظهرت مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية مخالبها وأنيابها الحادة في جزيرة سقطرى اليمنية، التي دخلتها وبدأت فيها أنشطتها المشبوهة تحت غطاء الأعمال الإنسانية..
بدءاً بتوزيع سلال غذائية وكراتين من التمور وبطانيات، كانت بمثابة الفخ الذي أوقعت فيه سكان الجزيرة البسطاء، الذين لم يكن في حسبانهم أن تلك المؤسسة الإماراتية الاستخباراتية ستأخذ جزيرتهم وتصادر سيادتها وثرواتها ثمناً لتلك المساعدات التافهة، وهو ما يحدث الآن على الواقع وبدأ أبناء سقطرى يدركونه جيداً، كما يدركون أيضاً أن حكومة هادي متواطئة مع الإمارات لمصادرة الجزيرة وطمس هويتها اليمنية.
تمكنت مؤسسة خليفة من شراء ولاءات رؤساء جمعيات الصيادين في سقطرى، وأوكلت إليهم مهمة شراء الأسماك من الصيادين بأسعار بخسة، وتسليم الكميات إلى مصنع أنشأته المؤسسة الإماراتية لتعليب الأسماك وبيعها وتصديرها، لكن بأسعار باهظة إلى درجة أنها تفوق قدرة المواطنين الشرائية، الأمر الذي تسبب بحسرة كبيرة في نفوسهم، حيث أصبحوا عاجزين عن شراء غذائهم الرئيسي الذي كان متاحاً لكل الفئات إلى فترة ما قبل مجيء الإمارات بمؤسسة خليفة التي جعلت وجبة الأسماك حلماً بعيد المنال.
ونتيجة الشكاوى المتزايدة من مواطني سقطرى الذين أعجزتهم مؤسسة خليفة عن شراء غذائهم؛ بادر الصيادون إلى الإحجام عن بيع أسماكهم لمصنع “برايم” التابع للمؤسسة الإماراتية، لتبدأ مرحلة من الخلافات المتصاعدة بين الصيادين ورؤساء الجمعيات الذين سلمتهم مؤسسة خليفة سيارات جديدة مقابل ضمان ولائهم واحتكار كميات الأسماك لمصنعها، مدركين أن ذلك أحد وجوه الإذلال التي كشفتها الإمارات في سياق سيطرتها الكاملة على الجزيرة..
كما تركز جهودها على تجريف كل ثروات الجزيرة من الأحياء البرية والبحرية النادرة، والأشجار التي تُعدّ الجزيرة موطناً حصرياً لها، بل وصل سُعار النهب الإماراتي حد تجريف الأحجار التي تزين شواطئ سقطرى.
وضمن إغراءات الإمارات لأبناء سقطرى بمنحهم جنسيتها ضمن مساعيها لتجريد الجزيرة من هويتها، لا تتوقف أيضاً عن التفكير في التخلص من أولئك السكان، إما بخنقهم والتضييق عليهم اقتصادياً، أو بأخذهم إلى معسكرات تدريب في أبو ظبي أو قواعدها في دول أفريقية ومن ثم الزج بهم في معاركها العبثية، ومؤخراً انتشر وباء فيروسي بشكل كبير بين أبناء سقطرى، التي لا يوجد فيها كوادر طبية ولا مختبرات وأجهزة للفحص، وحسب مصادر طبية فإن مصدر هذا الفيروس هو رحلات الطيران الإماراتي المتزايدة إلى الجزيرة، والأشخاص الذين تجلبهم بشكل متواصل بحُجة السياحة.
تستخدم الإمارات في جزيرة سقطرى اليمنية سياسة تشبه، حد التطابق، سياسة الدول الأوروبية في القرن الثامن عشر مع دول أفريقية غنية بالثروات، مثل الكونغو، حيث أوهمت تلك الدول وفي مُقَدَّمِها بريطانيا وبلجيكا، دولة الكونغو وعدداً من الدول الأفريقية بأن الشركات الاستثمارية التي ستعمل في أراضيهم ستكون سبباً رئيساً في تحسين ظروف حياتهم وتخليصهم من الأوبئة، وفتح أعينهم على حقائق وتطورات العالم..
ليحظى أبناؤهم وأحفادهم بحياة محترمة تسودها العدالة والحرية، وكانت الدول الاستعمارية لا تضع أي اعتبار للإنسان الأفريقي الذي تنظر إليه على أنه فقط كائن بدائي وآكل لحوم البشر، بل كان هدفها الرئيس هو “المطّاط” الذي كان يتواجد بكثرة في غابات الكونغو، وكان يدخل في غالبية الصناعات في تلك المرحلة، إضافة إلى قطع العاج وجلود الحيوانات، التي كانت تُشحن بكميات مهولة من بلاد الأفارقة إلى دول أوروبا، حيث شكلت تلك المواد طفرة كبيرة في الثراء وتطور الصناعات الأوروبية..
بينما ظل الأفارقة عبارة عن أُجراء مستعبدين لتلك الشركات التي كانت تجبرهم على جمع كميات كبيرة من “المطّاط” والعاج والجلود، مقابل الإبقاء على نسائهم وأطفالهم أحياء، إذ كانت تأخذهم كرهائن، ولم تكن تصل من دول أوروبا إلى أفريقيا سوى السياط والذخائر والأسلحة والخمور ومسابح الخرز.
وتحت غطاء مصلحة الشعوب الأفريقية، التي كان الأوروبيون يصفونها بالحبيسة من عصور ما قبل التاريخ، وشعارات أن تلك التجارة ستحمل إلى الأفارقة الدين والأخلاق والقانون والقيم الأوروبية الحديثة، ليتحول أولئك التعساء إلى رجال ونساء عصريين، فقدت تلك الشعوب سيادة بلدانها وثرواتها التي كانت كفيلة بوضعها في مصاف الدول الأوروبية وربما تتفوق عليها..
ولم تحمل إليهم تجارة الأوروبيين سوى المزيد من التعاسة والعبودية والفقر، ومازالت بعضها مستغلة حتى الآن من قبل شركات وحكومات أوروبية، وهي سياسة استعمارية تستخدمها الإمارات الآن في سقطرى اليمنية وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها منذ وصول قواتها تحت مبرر دعم الشرعية.
البوابة الإخبارية اليمنية