إبان الحقبة الإستعمارية البريطانية ورغم طول مدته “129 عاماً” إلا أن الذاكرة الوطنية الجنوبية كانت حيه وحيوية.. والأمثلة على ذلك كثيرة..!
في الجانب الوطني حافظ الجنوبيين على هويتهم الوطنية اليمنية.. وبالنضال الجماهيري السلمي اسقطوا المشروع الكولنيالي الإستعماري البريطاني الموسوم “الجنوب العربي” عام 1959م ودفنوه مع مجلسه التشريعي المزعوم في مزبلة التاريخ..
قومياً.. في الوقت الذي واصل الجنوبيين نضالهم ضد المحتل البريطاني ورغم سوء واقعهم الإقتصادي إلا أنهم جمعوا التبرعات لثورة الجزائر وبالاضرابات العمالية أغلقوا موانئ عدن البحرية والجوية أمام قوى العدوان الثلاثي على مصر 1956م..
وكذلك إنسانياً.. لم ينسوا بتضامنهم مع معاناة المستضعفين في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.. وظلت قلوب الجنوبيين عامرة بالإيمان الذي رسخته مدرستهم الفقهية المميزة مدرسة (تريم/ حضرموت).
ولأن المحتل البريطاني لم يستطع النفاذ إلى الوعي الوطني الجمعي الجنوبي ظلت روحه عامرة بالإيمان بحقه في السيادة الوطنية.. وتوج شعبنا في الجنوب تضحياته بأروع ثورة في 14 أكتوبر 1962م.. ومن خلال الكفاح المسلح والعمل الفدائي داخل المستعمرة عدن، انتزع شعبنا الإستقلال الناجز والغير مشروط في 30 نوفمبر 1967م.. حيث تعملقت ثورته ودولته التقدمية في جزيرة العرب في مواجهة التحديات الداخلية من التخلف الذي خلفته الحقبة الاستعمارية ومخططات قوى الاستكبار الامبريالي والصهيونية وأدواتها الرجعية.. وفي مقدمتها السعودية.. حيث شكلت اليمن الديمقراطية محور المقاومة في جبهة الصمود والتصدي العربية وكانت السباقه في التحالف الإستراتيجي مع الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني (رضوان الله عليه).
حلم الوحدة اليمنية كان للجنوبيين الذراع الطولى في تحقيقها وفرضها على نظام عفاش العسكري الرجعي بصنعاء.. لكن للأسف إستطاع نظام الوصاية السعودية الأمريكية في إفساد (الرفاق) بعد الوحدة عبر الإمتيازات الذي حولتهم من مناضلين إلى سماسرة لمصالحهم الخاصة.. وبما فرط بحقوق الشراكة الجنوبية.. وبتعمد تم التآمر على القوات المسلحة الجنوبية المسيسة والمدربة وعلى قاعدة العداء للإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية.. توجت المؤامرة بحرب وتكفير الجنوب 27 ابريل 1994′ الذي لم تكتفي بتدمير الوحدة اليمنية السلمية.. بل توغلت لتستهدف الوعي الوحدي الجمعي الجنوبي..
وتواصلاً للتدمير الممنهج للجنوب الأرض والإنسان دخل على ظهر عربة كاتيوشا حرب صيف 1994 الفكر “الوهابي السلفي” وهذا ما أحدث ثقب في الذاكرة الوطنية الجنوبية..!
آثار عملية التدمير الممنهج للجنوب لم تقف عند الإنقطاع عن الإرث التاريخي لنضالات شعبنا في الجنوب من أجل الوحدة يمنياً وعربياً وإنسانياً وكقيمة دينية..!
الخطورة أن ذلك التدمير الممنهج أحدث ثقب في الوعي الجمعي الجنوبي مما أفقده الذاكرة والتفكير المنطقي وإدراك الحقائق بتجرد.. ومثال على ذلك أنه في الوقت الذي تمت فيه التعبئة الوهابية السلفية على الوحدة ونظام صنعاء (7/7/1994).. واقعاً تناسى فيه (الغوغاء) من هم تحديداً أمراء حرب وتكفير 7 / 7 .. ؟!!
تحولت بوصلة العداء من الأعداء الحقيقيين إلى نحو شركاء الجنوبيين في المظلومية من البسطاء أصحاب البسطات والباعة المتجولين وعمال الأجر اليومي..!
المؤلم في النفس أن من أثار ذلك الثقب في الذاكرة الجمعية الجنوبية هو أنهم يقاتلون مع وتحت قيادة مجرمي حرب وتكفير الجنوب..
مثال على ذلك:
– في الساحل الغربي يقاتلوا تحت قيادة طارق عفاش..
– في مأرب تحت قيادة حزب الإصلاح التكفيري..
– في البيضاء مع القاعدة والجنرال علي محسن الأحمر..
– في الضالع مع السلفيين الوهابيين..
– في تعز مع الدنبوع وزير حرب عفاش إبان حرب وتكفير الجنوب صيف 1994..!!
أعتقد أنه قد آن الأوان على قوى الثورة والحراك الجنوبي إعادة بناء الوعي الوطني الجنوبي وترميم ما أحدثته فيه حرب وتكفير صيف 1994 من تشوهات.. حتى يتسنى وبوضوح معرفة من هم أمراء حرب وتكفير 7/7.. ومن هم شركائنا في المظلومية..!
وهذه مسألة مهمة في تحديد جبهة الأعداء وجبهة الأصدقاء.. وبما يعطي بعداً أخلاقياً وإنسانياً للقضية الجنوبية الأخلاقية العادلة.
– منسق ملتقى التصالح والتسامح الجنوبي.. المكون السباق في الثورة والحراك الجنوبي..
27 ابريل 2006م..