في أواخر العام الماضي، ومع بدايات ظهور فيروس كورونا في الصين، ظن كثيرون أن المرض الجديد لن يكون سوى زوبعة في فنحان سرعان ما سيتم احتواؤها في حدود البلد الذي ظهر به.
لكن الحقيقة المؤسفة كانت أن قدرات الفيروس على الانتشار فاقت توقعات البشر، إذ بات “كوفيد 19” كابوسا مزعجا لكل دول العالم، حتى تلك التي لم تكتشف وصوله بعد.
ويحقق فيروس كورونا المستجد انتشارا بشكل سريع في دول العالم واحدة تلك الأخرى، ولم يعد خطر العدوى قائما في الصين فحسب، حيث سجلت أول إصابة، بل أضحى الخطر محدقا بالجميع.
فما هو فايروس كرونا وكيف انتشر بهذه السرعة ؟
فيروسات كورونا هي سلالة واسعة من الفيروسات التي قد تسبب المرض للحيوان والإنسان. ومن المعروف أن عدداً من فيروسات كورونا تسبب لدى البشر أمراض تنفسية تتراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد وخامة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس). ويسبب فيروس كورونا المُكتشف مؤخراً باسم مرض كوفيد-19 الحمى والإرهاق والسعال الجاف وتشمل الأعراض الأخرى الأقل شيوعاً ولكن قد يُصاب بها بعض المرضى: الآلام والأوجاع، واحتقان الأنف، والصداع، والتهاب الملتحمة، وألم الحلق، والإسهال، وفقدان حاسة الذوق أو الشم، وظهور طفح جلدي أو تغير لون أصابع اليدين أو القدمين وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتبدأ بشكل تدريجي. ويصاب بعض الناس بالعدوى دون أن يشعروا إلا بأعراض خفيفة جداً.
تم اكتشافه من سلالة فيروسات كورونا. ولم يكن هناك أي علم بوجود هذا الفيروس الجديد ومرضه قبل بدء تفشيه في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ ديسمبر 2019. وقد تحوّل كوفيد-19 الآن إلى جائحة تؤثر على العديد من بلدان العالم.
ويتعافى معظم الناس (نحو 80%) من المرض دون الحاجة إلى علاج خاص. ولكن الأعراض تشتد لدى شخص واحد تقريباً من بين كل 5 أشخاص مصابين بمرض كوفيد-19 فيعاني من صعوبة في التنفس. وتزداد مخاطر الإصابة بمضاعفات وخيمة بين المسنين والأشخاص المصابين بمشاكل صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب والرئة أو السكري أو السرطان. وينبغي لجميع الأشخاص، أيا كانت أعمارهم، التماس العناية الطبية فوراً إذا أصيبوا بالحمى و/أو السعال المصحوبين بصعوبة في التنفس/ضيق النفس وألم أو ضغط في الصدر أو فقدان القدرة على النطق أو الحركة. ويوصى، قدر الإمكان، بالاتصال بالطبيب أو بمرفق الرعاية الصحية مسبقاً، ليتسنى توجيه المريض إلى العيادة المناسبة.
وقد تسألت العديد من الصحف والمنظمات عن سبب تفشي هذا المرض بهذه السرعه .
فما سبب هذا الانتشار الكاسح للفيروس؟
رغم نجاعة إجراءات الحجر الصحي، على غرار ما حصل في مقاطعة هوبي وسط الصين، حيث ظهر المرض لأول مرة، يقول الخبراء إنهم من المستحيل أن يتم الفصل بنجاح كامل بين المرضى والمعافين، في ظل سماوات مفتوحة وحدود لم تكن تعرف الإغلاق إلا نادرا.
وقالت لينا وين، وهي مفوضة صحة سابقة في مدينة بالتيمور الأميركية، إن أناسا كثيرين يعملون في أماكن بعيدة عن بيوتهم، وبالتالي يضطرون إلى التنقل بشكل يومي، و”لا يمكن إجبارهم على ترك العمل أو عدة العودة لرؤية عائلاتهم”.
وفي المنحى ذاته، يقول لورنس أوغوستن أستاذ الطب في جامعة جورج تاون، إن إجراءات الحجر غير فعالة بشكل كبير، لكن “الخيار الأكثر واقعية هو تقليل التفاعل والتواصل المباشرين بين الناس”، سواء كانوا مرضى أو أصحاء.
ورغم حث السلطات على تفادي الاختلاط، يواصل كثيرون حياتهم بشكل طبيعي، إما لأسباب خارجة عن إرادتهم أو لأنهم يستهينون بالنصائح الطبية، وهؤلاء لا يشكلون خطرا على أنفسهم فقط، بل قد ينقلون العدوى إلى أشخاص آخرين بسبب تهورهم.
كما تساعد فترة الحضانة الطويلة نسبيا، التي قد تزيد على 14 يوما، من إمكانية انتشار المرض بشكل أوسع، فقد يصاب به الإنسان ويمارس حياته بشكل طبيعي لأكثر من أسبوعين، من دون أن تظهر عليه أي أعراض.
وتوصي الإرشادات الصحية بتفادي الأماكن المكتظة قدر الإمكان، وتجنب المصافحة والاقتراب من الناس، فضلا عن استخدام المناديل عند العطس أو السعال والمواظبة على غسل اليدين أو تعقيمهما، مباشرة بعد ملامسة أسطح قد تكون فيها العدوى.
كيف اثر فيروس كورونا على العالم ؟
لقد كان لفيروس كورونا تاثيرات كبيرة في عدة جوانب منها اقتصايا واجتماعيا وثقافيا و في ضوء المتغيرات التي مر بها العالم، منذ ظهور فيروس كورونا “كوفيد 19” وانتشاره بين جميع الدول، بدا أن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية ستكونُ كبيرةً ومؤثرةً على المستويين العالمي والوطني، حيث ما فرضه تفشي الوباء من اتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الاحترازية تمثلت في “العزل والحجر الصحي / التباعد الاجتماعي / المنع من السفر /الإغلاق التام لجميع مؤسسات الدولة: “المدارس والجامعات والشركات والمصانع وأماكن الترفيه وشركات السياحة” انعكس سلبًا على اقتصادات جميع دول العالم، وأدخل النظام العالمي في حالة من الركود، نتج عنها تأثير على المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، طالت جميع دول العالم. حيث من المؤكد أن أي أزمة يمر بها العالم مجتمعًا تترك آثارها على الجميع رغم تفاوت هذه الآثار بين دولة وأخرى؛ طبقًا لأوضاعها الاقتصادية والسياسية.
وترك فيروس كورونا الجديد بصمته على كل نواحي الحياة: فدول بأكملها شُلَّت وحدودٌ أُغلقت واقتصادات عالمية تباطأت ومدارس أُقفلت. أحد المؤرخين يقول: الوباء “يهدد الروابط الاجتماعية ويطلق العنان لشكل خفي من حرب أهلية يكون فيها كل واحد حذراً من جاره … انتشار الأوبئة يشكل دوماً امتحاناً للمجتمعات” البشرية.
وفي أعقاب الحجر الصحي، أدت الخلافات العائلية إلى ارتفاع في حالات العنف المنزلي. ففي مقاطعة خوبي زادت حالات العنف المنزلي المبلغ عنها ثلاثة أضعاف منذ تفشي الوباء وكان ذلك من اهم التاثيرات الاجتماعية التي نتجت عنه الجائحة .
ويرى بعض الأخصائيين النفسيين أننا قد نشهد أزمة صحية بسبب تداعيات الجائحة على الصحة النفسية. فقد أظهرت دراسة أجريت في هونغ كونغ في أعقاب تفشي متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد أن الناجين من المرض ظلوا يعانون من الضغوط النفسية والاكتئاب بمستويات مثيرة للقلق بعد عام من الجائحة.
لكن دراسة أخرى كشفت عن تبعات إيجابية للوباء ، منها توطيد العلاقات بين أفراد العائلة والأصدقاء. وذكر 60 في المئة من المشاركين أنهم أصبحوا أكثر حرصا على مشاعر أفراد عائلاتهم وأكثر اهتماما بالصحة النفسية.
ويرى البعض أن جائحة فيروس كورونا المستجد قد تدفع الحكومات ، التي لا يزال المرضى النفسيون فيها يتعرضون للوصم الاجتماعي، للاهتمام بخدمات الصحة النفسية كاهتمامها بالصحة البدنية.
من هنا يجب ان يكون للمؤسسات كمنظمات او جمعيات دورا بارزا في التضامن مع المجتمع المدني وادارة ازمانه فالمجتمعات لا تبحث عن جمعيات ومنظمات تتواجد فقط عند الرخاء والسلم بل هي في حاجة لان تتدخل في وقت الازمات والمصائب …