نفط اليمن غير المستخرج .. أحد أهم أسرار دوافع الحرب
كشف الرئيس ترامب عبر خطابٍ ألقاه أمام أنصاره خلال حملته الإنتخابية عام 2016، احد الأسرار المهمة وراء حماسة السعودية شن الحرب على اليمن، حيث قال:
«إنهم يلهثون وراء اليمن، وإذا كنتم لا تعرفون السبب الحقيقي لذلك أرجو منكم مغادرة القاعة في الحال؛ لأنكم لستم أذكياء بما يكفي، هل رأيتم حدودهم المشتركة مع اليمن، هل تعلمون ماذا يوجد على الضفة الأخرى؟ النفط، إنهم يسعون خلف ثروة اليمن النفطية، وليس أي شيء آخر».
235
Share
ابين اليوم – متابعات
إعداد/ نصر صالح
كشف الرئيس ترامب عبر خطابٍ ألقاه أمام أنصاره خلال حملته الإنتخابية عام 2016، احد الأسرار المهمة وراء حماسة السعودية شن الحرب على اليمن، حيث قال:
«إنهم يلهثون وراء اليمن، وإذا كنتم لا تعرفون السبب الحقيقي لذلك أرجو منكم مغادرة القاعة في الحال؛ لأنكم لستم أذكياء بما يكفي، هل رأيتم حدودهم المشتركة مع اليمن، هل تعلمون ماذا يوجد على الضفة الأخرى؟ النفط، إنهم يسعون خلف ثروة اليمن النفطية، وليس أي شيء آخر».
لعل من «حسنات» الرئيس ترامب (المنتهية ولايتة في يناير العام المقبل) أنه الرئيس الأمريكي الوحيد، الذي لم يتردد من فضح أسرار واشنطن وحلفائها القذرة في منطقتنا العربية لأسباب انتخابية أو لإبتزاز السعودية ماليا. فهو فضح بلاده في عهد إدارة أوباما بإنشائها «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق 2013-2014، علما أن داعش كانت أنشئت برعاية أمريكية ايضا خلال ولاية بوش الإبن في 2009 تحت اسم «دولة العراق الإسلامية» منبثقة من تنظيم «القاعدة» فرع العراق. وعلما ايضا أن هيلاري كلينتون «وزيرة» الخارجية في إدارة اوباما خلال استجواب مجلس الشيوخ الأمريكي لها في 2013، كانت قد اعترفت أن بلادها هي من اوجدت تنظيم «القاعدة» في أفغانستان. كما أوجدت قبلها حركة «المجاهدين» أيضا ضد الوجود العسكري السوفيتي. تلاهما الأمير محمد بن سلمان، حيث كشف للواشنطن بوست في مارس 2018 ان بلاده انشأت القاعدة في افغانستان لقتل الجنود السوفيت في أفغانستان في ثمانينات القرن الفائت، بطلب من أمريكا، وذلك في إطار الحرب الباردة بين الأمريكان والسوفيت..
وما جعل اليمن هدفا للطامعين هو امتلاكه احتياطات نفطية هائلة، إلى جانب امتلاكه عدة موانئ إستراتيجية: عدن والحديدة، والمكلا، إضافة الى الموانئ الفرعية المهمة الأخرى كميناء نشطون جنوب المهرة وبير علي جنوب شبوة. ويؤكد خبراء اقتصاديون على ذلك، ويضيفون أن ذلك ما أغرى السعودية والإمارات بأن يخوضان حربا بجيوشهما مباشرة خارج حدودهما لأول مرة في تاريخهما (باستثناء البحرين حيث كان تدخل جيش درع الجزيرة بقيادة السعودية لإخماد الثورة فيها يعتبر تدخلا عسكريا داخليا في إطار دول مجلس التعاون الخليجي). كما يتفق الخبراء الإقتصاديون على أن هذه الحرب (التي شاركت فيها 15 دولة أخرى أيضا إلى جانبهما) لم تكن لأسباب «سياسية أو دينية» كما يتم تصوير ذلك في الإعلام الخليجي وبعض الغربي، بل لسبب اقتصادي، ولكنها أُلبست الطابع السياسي أو الديني، لدفع الكثير من المغفلين اليمنيين للقبول بها على بلادهم، فضلا عن الإغراءات المالية السخية لتجنيد ضعاف النفوس المحليين للمشاركة في تدمير قوة بلادهم الدفاعية لتسهيل عملية الاستيلاء على ثروات اليمن النفطية سواء المستخرجة منها أو التي لا تزال مدفونة حتى الآن شمال شرق البلاد ولم يكن يُسمح بأن تُستخرج وتُستثمر. لكن بعد سيطرة الحوثي على السلطة في سبتمبر 2014 علمت السعودية أنه لن يقبل (كما قبلَ من سبقه) أن تخضع اليمن لـ «الأمر السعودي» المغطى بضوء أخضر أمريكي القاضي بمنع اليمنيين من استخراج واستثمار نفطهم وغازهم المدفون في «حوض الجوف – مأرب – شبوة» الهائل والذي قُدِّر بثلث الإحتياطي العالمي.
وفضلا عما سبق، فبالحرب يُراد أيضا إعادة اليمن إلى النفوذ الاستعماري الغربي مجددا وإن بصورة غير مباشرة، بيد أنه يراد أن يصبح اليمن خاضعا مباشرة للهيمنة والنفوذ الإسرائيلي. وأن تُنشأ على موانئه وفي جزره قواعد عسكرية لإسرائيل وأن تكون لها الأولوية بالتحكم على مضيق باب المندب، وذلك وفق مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الذي كان افتتحه بوش الابن في 2003 بالغزو الأمريكي للعراق وتدمير جيشه، ثم في 2006 بعدوان إسرائيل على لبنان بهدف تدمير مقاومته الباسلة لإخضاعه لهيمنتها. ولكنها منيت بهزيمة على يد حزب الله اللبناني، فحتم ذلك على الدولتين العدوانيتين إعادة صياغة أسلوب تنفيذ المخطط بمساعدة وتمويل خليجي، وذلك بأن يتم تدمير جيوش العرب وقواه المقاومة (دون خسران جنودهما) تم إيكال المهمة للجماعات المسلحة الوهابية والإخوانية الإسلامية وآخرين ابتداء من 2011 فيما عُرف بـ «الربع العربي».
وكانت المدونة الإليكترونية الأمريكية الشهيرة لتجميع الأخبار المهمة «هافينجتون بوست Huffington Post» تناولت في 2017 ما اسمتها «الحرب المنسية» في اليمن، منتقدة «غياب التغطية الشاملة لما يدور فعلا على أرض اليمن» منذ أواخر مارس 2015، لاسيما «تجاهل ما يتعلق بالأبعاد التاريخية والجغرافية والحضارية، واقتصار التغطية على الجانب الجيوسياسي للحرب، وما نجم عنها حتى الآن من تكلفة بشرية باهظة جداً على اليمنيين، ونقص في المساعدات الطبية المقدمة لهم».
كما تجاهلت التغطيات الإعلامية الدولية حصار وتجويع اليمنيين الجائر، وتعمد نشر الأمراض الخطيرة، وارتكاب مجازر جماعية بحق المدنيين، فضلا عن تعمد تدمير قوى ومقومات اليمن وبناه التحتية، فضلا عن تشجيع ورعاية النزعات المناطقية الضيقة باتجاه التقسيم والتفتيت.. الأمر الذي لن يعود اليمن بعده كما كان قبل 2015 إلاّ بعد زمن، وفي أقل تقدير متوقع: عقد من الزمن، وهي الفترة الزمنية التي تحتاجها إسرائيل لتتمكن من استكمال إخضاع دول العرب لمشيئتها.
وعودة إلى مدونة «هافينجتون»، وتحت عنوان: «حرب اليمن بين المصالح الداخلية والخارجية»، طرحت المدونة الأمريكية تساؤلات بشأن خلفيات استهداف البلد الواقع على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، واضعة الأهمية الإستراتيجية للموقع الجغرافي لليمن، ضمن تلك الخلفيات، لا سيما وأنه «يمثل البوابة الجنوبية لبحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر، عبر منطقة خليج عدن».. ويتحكم بباب المندب اهم المضايق والمنافذ البحرية في المنطقة والعالم، والذي بعد افتتاح قناة السويس، جعل خليج عدن يربط كلاً من البحر الأحمر، والمحيط الهندي، وصار يتحكم بأقصر طريق ملاحي عالمي بين أوروبا وشرق آسيا، فضلا عن ما يمثله من «عمق أمني وسياسي» للدول العربية بوجه عام، ومنها الخليجية، وحتى إسرائيل أيضا.
ولفتت مدونة Huffington Post إلى «حقيقة» تربع البلد على «احتياطيات نفطية وغازية كبيرة جداً»، خلافاً لما تشيعه وسائل الإعلام الغربية، مشيرة إلى إدراك الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتلك الحقيقة، وذلك بالاستناد إلى ما جاء في برقية سرية للسفير الأمريكي السابق لدى اليمن ستيفن سيش عام 2008، وكشف عنها موقع «ويكيليكس»، حيث جاء في تلك البرقية: «إن محافظات شبوة ومأرب والجوف لديها احتياطات من الغاز بكميات كبيرة، أما بالنسبة للنفط فوفقاً لمسح جيولوجي مفصل لشركة «USGS» (هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية United States Geological Survey): «يمتلك اليمن خزانات نفطية ضخمة، ما يبين أن احتياطات النفط غير المستغلة في اليمن هي أكبر من الاحتياطيات المشتركة لدول الخليج الغنية بالنفط مجتمعة».
ومن منطلق ما تختزنه الجغرافيا اليمنية وجيولوجيتها من ثروات طبيعية هائلة، علّقت «هافينجتون بوست» بالقول إن ذلك يعد «أحد أهم أسرار الحرب على اليمن».